للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عليه وسلم يأمر بتسويتها وفي صحيحه أيضاً عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه، وفي سنن أبي داود والترمذي حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه الإمام أحمد وأهل السنن.

فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البناء عليها وأمر بهدمه بعد ما يبنى ونهى عن الكتابة عليها، ولعن من أسرجها، فنحن نأمر بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسويتها وننهى عن البناء عليها كما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي افترض الله علينا طاعته واتباعه وأم غبره فيؤخذ من قوله ويترك كما قال الإمام مالك كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة فخذه ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير، وقال أيضاً لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الثوري ولا الأوزاعي وخذوا من حيث أخذوا.

والعجب ممن يسمع هذه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن تعظيم القبور، وعقد القباب عليها من الجص والآجر، وإسراجها ولعن من أسرجها، ثم يقول فعلت هذه الأمور بحضرة العلماء الكبار ولم ينكروا كأنه لم يسمع ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر، وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الأسناد وصحته ويذهبون إلى قول سفيان والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

فإن كان هذا كلام ابن عباس فيمن عارض السنة لقول أبي بكر وعمر وكلام أحمد فيمن ذهب إلى رأي سفيان فكيف بمن عارض السنة بقول فلان صلى الله عليه وسلموقد روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشد ما أتخون على أمتي ثلاثة زلة العالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناق الرجال" ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا ذلك لم يخف من زلة العالم على غيره، فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق العلماء، فإنه اتباع للخطأ على عمد، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يفسد الزمان ثلاثة أئمة مضلون وجدال المنافق بالقرآن والقرآن حق وزلة العالم، فإذا صح وثبت أن العالم يزل ويخطىء لم يجز لأحد أن يفتي ويدين الله بقول لا يعرف وجهه فكيف إذا عارض بقوله أو فعله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني: أن يقال: إذا لم تقنع ولم يطمئن قلبك بما جاء عن رسول الله صلى الله وقلت العلماء أعلم منا وأطوع لله ولرسوله.

<<  <   >  >>