للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنقول أعلم الناس بما أمر الله به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نهى عنه أصحابه رضي الله عنهم فهم أعلم الناس بسنته، وأطوعهم لأمره، وهم الذين رضي الله عنهم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة" وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خير القرون قرني الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات فان الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبه نبيه واقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديتهم فانهم كانوا على الصراط المستقيم، وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: يا معشر القراء استقيموا وخذوا طريق من قبلكم فوالله لقد سبقتم سبقاً بعيداً ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم صلالاً بعيداً.

فان احتج أحد علينا بما عليه المتأخرون قلنا الحجة بما عليه الصحابة، والتابعون والذين هم خير القرون لا بما عليه الخلف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نقل عنهم انهم عقدوا القباب على القبور وأسرجوها، وخلقوها وكسوها الحرير أم هذا مما حدث بعدهم من المحدثات التي هي بدع صلى الله عليه وسلم معلوم أن عندهم من قبور الصحابة الذين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ما لا يحص هل بنوا على قبورهم وعمظوها ودعوا عندها.. صلى الله عليه وسلمضلاً عن أن يسألوها حوائجهم أو يسألوا الله بأصحابها، فمن كان عنده في هذا أثر صحيح أو حسن فليرشدنا إليه وليدلنا عليه، وأنى له بذلك؟ فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلفائه الراشدين.

وقد روى خالد بن سنان عن أبي العالية قال لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت عند رأسه مصحف فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر بن الخطاب فدعا له كعبا فنسخه بالعربية فانا أول رجل من العرب قراه قرأته مثل ما أقرأ القرآن قال خالد: فقلت لأبي العالية ما كان فيه قال: سيرتكم وأموركم، ولحون كلامكم وما هو كائن بعد قلت: فما صنعتم بالرجل قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة فلما كان بالليل دفناه، وواسينا القبور كلها مع الأرض لنعميه عن الناس لا ينبشونه فقلت وما يرجون منه قال: كانت السماء إذا حبست عنهم ابرزوا السرير فيمطرون فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له دانيال فقلت منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة، قلت ما كان تغير منه شيء قال: لا: إلا شعرات من قفاه أن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ولا تأكلها السباع.

ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من نعيمه قبره لئلا يفتتن به الناس،

<<  <   >  >>