للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواها، فقوّمت المائدة بمائتى ألف دينار لما فيها من الجوهر، وأخذ طارق ما كان عنده من الجوهر والسلاح والذهب والفضّة والآنية، وأصاب سوى ذلك من الأموال ما لم ير مثله، فحوى ذلك كلّه، ثم انصرف إلى قرطبة وأقام بها. وكتب إلى موسى بن نصير يعلّمه بفتح الأندلس، وما أصاب من الغنائم، فكتب موسى إلى الوليد بن عبد الملك يعلّمه بذلك، ونحله نفسه، وكتب موسى إلى طارق ألّا يجاوز قرطبة حتى يقدم عليه، وشتمه شتما قبيحا.

ثم خرج موسى بن نصير إلى الأندلس فى رجب سنة ثلاث وتسعين بوجوه العرب والموالى وعرفاء البربر، حتى دخل الأندلس، وخرج مغيظا على طارق، وخرج معه حبيب ابن أبى عبيدة الفهرىّ، واستخلف على القيروان ابنه عبد الله بن موسى، وكان أسنّ ولده، فأجاز من الخضراء، ثم مضى إلى قرطبة فتلقّاه طارق فترضّاه، وقال له: إنما أنا مولاك، وهذا الفتح لك، فجمع موسى من الأموال ما لا يقدر على صفته، ودفع طارق كلّ ما كان غنم إليه.

قال ويقال بل توجّه لذريق إلى طارق وهو فى الجبل «١» ، فلما انتهى إليه لذريق خرج إليه طارق، ولذريق يومئذ على سرير ملكه، والسرير بين بغلين يحملانه، وعليه تاجه وقفّازاه «٢» ، وجميع ما كانت الملوك قبله تلبسه من الحلية.

فخرج إليه طارق وأصحابه رجّالة كلّهم ليس فيهم راكب، فاقتتلوا من حين بزغت الشمس إلى أن «٣» غربت، وظنّوا أنه الفناء «٤» ، فقتل الله لذريق ومن معه، وفتح للمسلمين، ولم يكن بالمغرب مقتلة قطّ أكثر منها فلم يرفع المسلمون السيف عنهم ثلاثة أيام، ثم ارتحل الناس إلى قرطبة.

قال ويقال إن موسى هو الذي وجّه طارقا بعد مدخله الأندلس إلى طليطلة، وهى النصف فيما بين قرطبة وأربونة، وأربونة أقصى ثغر الأندلس. وكان كتاب عمر بن عبد العزيز ينتهى إلى أربونة، ثم غلب عليها أهل الشرك فهى فى أيديهم اليوم، وأن طارق إنما أصاب المائدة فيها.

<<  <   >  >>