للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي كانوا طبخوه، ومن بقى من الكرّامين ينظرون إليهم، فلم يشكّوا أنهم أكلوا «١» لحم صاحبهم، ثم أرسلوا من بقى منهم، فأخبروا أهل الأندلس أنهم يأكلون لحم «٢» الناس، وأخبروهم بما صنع بالكرّام.

قال: وكان بالأندلس كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم وهشام بن إسحاق، بيت عليه أقفال لا يلى ملك منهم إلّا زاد عليه قفلا من عنده، حتى كان الملك الذي دخل عليه المسلمون، فإنهم أرادوه على أن يجعل عليه قفلا كما كانت تصنع الملوك قبله، فأبى، وقال: ما كنت لأضع عليه شيئا حتى أعرف ما فيه، فأمر بفتحه فإذا فيه صور العرب، وفيه كتاب إذا فتح هذا الباب دخل هؤلاء القوم هذا البلد.

ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: فلما جاز طارق تلقّته جنود قرطبة واجترأوا عليه للذى رأوا من قلّة أصحابه، فاقتتلوا، فاشتدّ قتالهم، ثم انهزموا، فلم يزل يقتلهم حتى بلغوا مدينة قرطبة.

وبلغ ذلك لذريق فزحف إليهم من طليطلة، فالتقوا بموضع يقال له شذونة على واد يقال له اليوم وادى أمّ حكيم، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الله عزّ وجلّ لذريق ومن معه «٣» .

وكان معتّب الرومىّ غلام الوليد بن عبد الملك على خيل طارق، فزحف معتّب الرومىّ يريد قرطبة، ومضى طارق إلى طليطلة فدخلها، وسأل عن المائدة، ولم يكن له همّ غيرها، وهى مائدة سليمان بن داود التى يزعم أهل الكتاب.

قال وحدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد قال: فتح لموسى بن نصير الأندلس، فأخذ منها مائدة سليمان بن داود عليه السلام والتاج. فقيل لطارق: إن المائدة بقلعة يقال لها فراس، مسيرة يومين من طليطة، وعلى القلعة ابن أخت للذريق، فبعث إليه طارق بأمانه وأمان أهل بيته، فنزل إليه فأمّنه ووفى له، فقال له طارق: ادفع إلىّ المائدة، فدفعها إليه وفيها من الذهب والجوهر ما لم ير مثله.

فقلع «٤» طارق رجلا من أرجلها بما فيها من الجوهر والذهب، وجعل لها رجلا

<<  <   >  >>