للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعية، وعصمة مال المسلمين والمعاهدين من غير المسلمين فيها، لأن عقد الذمة بالنسبة للذميين خلف عن الإسلام في عصمة المال، وفي وجوب التزام أحكام الإسلام في الدنيا فيما يرجع إلى المعاملات، والمستأمنين في دار الإسلام بمنزلة الذميين في ذلك.١

بل إن الفقهاء نصوا على منع المستأمنين والذميين من التعامل بالربا فيما بينهم في دار الإسلام فهذا الإمام السرخسي يقول: "فإن دخل تجار أهل الحرب دار الإسلام بأمان فاشترى أحدهم من صاحبه درهما بدرهمين لم أجز من ذلك إلا ما أجيزه بين أهل الإسلام، وكذلك أهل الذمة إذا فعلوا ذلك لأن مال كل واحد منهم معصوم متقوم ولا يتملكه إلا بجهة العقد وجرمة الربا ثابتة في حقهم، وهو مستثنى من العهد فإن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى نصارى نجران "من أربى فليس بيننا وبينه عهد"، وكتب إلى مجوس هجر "إما أن تدعوا الربا أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله"، فالتعرض لهم بمنعهم من الربا لا يكون غدرا بالأمان، لأنه ثبت أنهم نهو عن الربا كما قال تعالى: {وأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} ٢ فيمنعون من التعامل بالربا كما يمنع المسلمون من ذلك.٣

هذا فيما إذا كان الكافر هو المستأمن في دار الإسلام. أما إذا كان


١ المبسوط ١٠/٨٤، وشرح السير الكبير ١/٣٠٦٧، وبدائع الصنائع ٦/٨١، وأحكام القرآن للجصاص ٢/٤٣٦.
٢ النساء: ١٦١.
٣ المبسوط ١٤/٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>