للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى أحل المسلمات المهاجرات إلى دار الإسلام للمؤمنين من غير شرط، إلا إعطائهن المهور، وهذا دليل على عدم بقاء زواجهن الأول، لأنه لو كان النكاح الأول باقيا، لما جاز للمؤمنين نكاح المهاجرات بإسلامهن.

هـ-ودل أيضا قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} على وجوب الفرقة بين الزوجين، بسبب اختلاف الدار بينهما، لأن الله سبحانه وتعالى نهى المؤمنين أن يمسكوا بعصم الكوافر، فالكافر الذي أسلم في دار الكفر، ثم هاجر إلى دار الإسلام، وترك زوجته الكافرة في دار الكفر، يفرق بينهما، لأن اختلاف الدار أوجب انقطاع العصمة بينهما، والمراد بالعصمة هنا- النكاح- فقد انقطع النكاح بينهما لاختلاف الدار بينهما.١

قال أبو بكر الجصاص رحمه الله: "في هذه الآية ضروب من الدلالة على وقوع الفرقة باختلاف الدارين بين الزوجين، واختلاف الدارين أن يكون أحد الزوجين من أهل دار الحرب، والآخر من أهل دار الإسلام، وذلك لأن المهاجرة إلى دار الإسلام قد صارت من أهل دار الإسلام، وزوجها باق على كفره من أهل دار الحرب، فقد اختلفت بهما الداران، وحكم الله بوقوع الفرقة بينهما بقوله: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار} ، ولو


١ أحكام القرآن للجصاص ٣/٤٣٨، والمبسوط ٥/٥١، والجوهر النقي مع سنن البيهقي ٧/١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>