للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما يمكن أن يرد عليه من وجوه:

١- لم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة لا قصاص ولا دية، لأن قتل المسلم كان أثناء المعركة مع الكفار، وقتال الكفار مأذون فيه، والفعل المأذون فيه لا ضمان فيه، فكان فعل أسامة من الفعل المأذون، فلا ضمان عليه كالخاتن والطبيب.

٢- أن المقتول كان من العدو قبل أن يسلم، ولم يكن له ولي من المسلمين يأخذ ديته، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}

٣- أن أسامة قتله متأولا لقوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ٢، فكان معذورا لهذا التأويل، ولذلك عذره النبي صلى الله عليه وسلم فلم يوجب عليه قصاصا، ولا دية، لاعتقاده أن ذلك القتيل لما نطق بالشهادة إنما كان ذلك خوفا من السيف، ولم يكن تحريم القتل في تلك الحالة معلوما لذي أسامة.

٤- أن القصاص سقط عن أسامة لأن القتل لم يكن عمدا عدوانا، بل كان من باب الخطأ، وسقطت الدية لأنه من قوم هم عدو للمسلمين كما في الآية ٣.


١ النساء: ٩٢.
٢ غافر: ٨٥.
٣ انظر: الجامع لأحكام القرآن ٥/٣٢٤، وفتح الباري ١٢/١٩٦، والمحلى ١٠/٣٦٩، والقصاص في النفس ص ٤١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>