للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى أن الإمام الشوكاني أنكر على الحنفية قولهم هذا، فقال: "القول بأنه لا قصاص في دار الحرب لا وجه له من كتاب، ولا سنة، ولا قياس صحيح، ولا إجماع، فإن أحكام الشرع لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا، ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية أو لبعضها، فما أوجبه الله على المسلمين من القصاص ثابت في دار الحرب كما هو ثابت في غيرها، مهما وجدنا إلى ذلك سبيلا، ولا يرفع شيئا من هذه الأحكام إلا دليل يصلح للنقل، وإلا وجب البقاء على الثابت في الشرع من لزوم القصاص ولزوم الإرش"١

أما قول الحسن بن صالح، فقد رد عليه الجصاص بعد أن نقله عنه بقوله: فأما قول الحسن بن صالح في أن المسلم إذا لحق بدار الحرب فهو مرتد، فإنه خلاف الكتاب والإجماع، لأن الله تعالى قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} ٢ فجعلهم مؤمنين مع إقامتهم في دار الحرب بعد إسلامهم، وأوجب علينا نصرتهم بقوله: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} ٣، ولو كان ما قال صحيحا لوجب أن لا يجوز للتجار دخول دار الحرب بأمان، وأن يكونوا بذلك مرتدين


١ انظر: السيل الجرار للشوكاني ٤/٥٥٢، والارش هو: الدية.
٢ الأنفال: ٧٢.
٣ الأنفال: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>