للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه أسقطه عنه لأن الجريمة ارتكبت في دار الحرب، فهذا لم يقل به أحد من العلماء.

وأيضا هذه الآثار التي استدلوا بها -على فرض صحتها- فإنه لا يمكن أن تقوى على معارضة عموم الآيات والأحاديث التي دلت على وجوب إقامة الحدود من غير فرق بين كون الجريمة ارتكبت في دار الإسلام، أو في دار الحرب.

ج - مناقشة دليلهم من المعقول:

أما قولهم بأن الحدود لا تقام في دار الحرب مخافة أن يلحق المحدود بالعدو أو يرتد عن الإسلام، فقد رد عليهم الإمام الشافعي بقوله: "فأما قولهم: يلحق بالمشركين، فإن لحق بهم فهو أشقى له، ومن ترك الحد خوف أن يلحق المحدود ببلاد المشركين تركه في سواحل المسلمين ومسالحهم١التي اتصلت ببلاد الحرب مثل طرسوس٢" ٣.

وأقول: إذا كانت هناك مصلحة في تأخير الحد إلى دار الإسلام كأن يخاف لحوق المحدود بدار الحرب، أو ارتداده عن الإسلام، فلا بأس بذلك تفاديا لهذه المخاوف التي قد تلحق بالمحدود.


١ المسالح: جمع مسلحة، وهي المكان الذي يكثر فيه السلاح، كالثغور ونحوها.
انظر: معجم لغة الفقهاء ص ٤٢٩.
٢ طرسوس: هي مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم.
انظر: معجم البلدان ٤/٢٨.
٣ انظر: الأم ٧/٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>