للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم، لما أنزل الله فيهن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} ،١- إلى قوله - {وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} ٢.

قال ابن حجر: "هذا الحديث من مسند من لم يسم من الصحابة، ولم يصب من أخرجه من أطراف في مسند المسور أو مروان، لأن مروان لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صحبة، وأما المسور فصح سماعه منه صلى الله عليه وسلم، لكنه، إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت هذه القصة قبل ذلك بسنتين"٣.

قلت: لا يضر هنا الإبهام ولا الإرسال لأننا عرفنا أن المبهم أو المحذوف صحابي قطعاً. والصحابة كلهم عدول.

والخلاصة في هذا أن الراجح في إسلام الوليد أنه يوم فتح مكة وأنه كان قد ناهز الاحتلام كما قال ابن عبد البر، وأما الحديث الذي فيه أن الوليد كان يوم فتح مكة طفلاً مخلقاً وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من المسح على رأسه لوجود الخلوق فهو حديث ضعيف لا يعول عليه. لأن الذي يخرج في زمن هدنة الحديبية يرد أخته وكان ذلك في السنة السادسة، فلا يمكن أن يكون في فتح مكة طفلاً مخلقاً.

وقال ابن حجر: ومما يؤيد أنه كان في الفتح رجلاً أنه قدم في فداء ابن عم أبيه الحارث بن أبي وجزة بن أبي عمرو بن أمية، وكان أسر يوم بدر فافتداه بأربعة آلاف. حكاه أصحاب المغازي٤. مع أنه يمكن أن يكون الخلوق


١ من سورة الممتحنة آية: ١٠، وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ، [سورة الممتحنة، الآية: ١٠] .
٢ صحيح البخاري ٣/١٦٥، كتاب الشروط (باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة) . وانظر تفسير ابن كثير ٤/٣٥٠.
٣ فتح الباري، ٥/٣١٣.
٤ الإصابة ٣/٦٣٨.

<<  <   >  >>