تقديم بقلم الدكتور عبد الله بن عبد الله الزايد نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة:
وبعد ... فقد هدف المؤلفون في السير والمغازي، ونحوها من الأخبار والتواريخ، إلى سرد ما يتصل بالحادثة التي يكتبون عنها، دون تمييز للغث من السمين، والدخيل من الأصيل، ولا تكاد تجد واحداً منهم التزم الصحة والتحري فيما يكتب.
حتى إن شيخ المؤرخين وإمامهم ابن جرير الطبري - رحمه الله - نص على هذا وصرح به في مقدمة (تاريخه) ليزيح عن نفسه الملامة، وليوضح لقارئ كتابه أن في الكتاب ما لا يصح، فليحذره! وأن وجود خبر ما في كتابه (مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه) كما قال لا يسوغ لأحد بعد ذلك أن يستمسك به قائلاً؛ إنه مذكور في كتاب ابن جرير الطبري أحد أئمة الإسلام، يريد أن يروج شبهة له أو بدعة ضالة! وهكذا حال سائر كتب الأخبار.
نعم يتسامح في رواية ما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، ولكن شريطة أن لا يتصادم مع ما هو مقرر في حكم العقل السليم ومقررات الإسلام في عقائده وشرائعه.
ولذلك نبه النقدة من أهل العلم إلى ضرورة كتابة السيرة والتاريخ كتابة جديدة على منهج المحدثين، وعرض أخبارهما على موازين النقد عندهم، لتصفيته وتخليصه من الشوائب والدخائل، وذلك لأن كثيراً من مسائله تتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأسوة للحسنة، والقدوة للناس، وهو المبلغ عن الله عز وجل، وقسماً آخر كبيراً من أخبار السيرة والتاريخ يتصل بالصحابة