للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم عقد لهم،- وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف - فلما أتاهم رسول اله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية القتيلين، قالوا: "نعم، يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، مما استعنت بنا عليه"، ثم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: "إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فمن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة، فيريحنا منه؟ " فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، أحدهم، فقال: أنا لذلك، الحديث.. وفيه فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، حتى نزلت بهم، فتحصنوا منه في الحصون، فأمر بقطع النخيل والتحريق١ فيها، فنادوه: "يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها".

وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم، عبد الله بن أبي ابن سلول، ووديعة ومالك بن أبي قوقل، وسويد وداعس، قد بعثوا إلى بني النضير: "أن اثبتوا وتمعنوا، فإنا لن نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم"، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، علة أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم، إلا الحلقة٢. الحديث ...

ثم ذكر ما أنزل الله في شأن المنافقين من القرآن وهو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا} ، [سورة الحشرة، الآيات: ١١-١٧] ، يعني عبد الله بن أبي وأصحابه ومن كان على مثل أمرهم، {يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} ، يعني: - بني النضير -إلى قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، [سورة الحشر، الآية: ١٥] ، يعني: بني قينقاع.

ثم ذكر القصة: إلى قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ


١ قطع نخيل بني النضير وتحريقه ثابت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، انظر البخاري ٥/ ٧٤ كتاب المغازي، ومسلم ٥/ ١٤٥ كتاب الجهاد والسير.
٢ الحلقة: بسكون اللام، السلاح عامة، وقيل الدروع خاصة. النهاية لابن الأثير ١/ ٤٢٧.

<<  <   >  >>