للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند البخاري من رواية صالح بن كيسان: قالت عائشة: "وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول".

قال عروة: "أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده، فيقره، ويستمعه ويستوشيه".

وقال عروة أيضا: "لم يسم من أهل الإفك إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى"١. ومن خلال هذه الأحاديث الصحيحة التي لم تتعرض لذكر عبد الله بن أبي ابن سلول فيمن أقيم عليه الحد، وإنما اقتصرت على ذكر الثلاثة المصرح بهم فيها جزم من جزم من العلماء بأن عبد الله بن أبي ابن سلول لم يقم عليه الحد وذكروا عدة أشياء في وجه الحكمة في ترك إقامة الحد عليه، ومن الذاهبين إلى هذا:

القرطبي فإنه بعد أن ذكر ما ظاهره أن عبد الله بن أبي أقيم عليه الحد عقب بقوله: المشهور من الأخبار والمعروف عند العلماء أن الذي حد حسان ومسطح وحمنة بنت جحش، ولم يسمع بحد لعبد الله ابن أبي، ثم أورد حديث أبي داود٢ في إقامة الحد على هؤلاء الثلاثة دون عبد الله بن أبي ابن سلول، ثم أشار إلى وجه الحكمة في عدم إقامة الحد عليه فقال: قال علماؤنا: "وإنما لم يحد عبد الله بن أبي، لأن الله تعالى قد أعد له في الآخرة عذابا عظيما، فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصا من عذابه في الآخرة وتخفيفا عنه، مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله عنها وبكذب كل من رماها، فقد حصلت فائدة الحد، إذ مقصوده إظهار القاذف وبراءة المقذوف كما قال تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} ،" [سورة النور الآية: ١٣] ٣.

وإنما حد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى


١ البخاري ٥/ ٩٦ كتاب المغازي باب حديث الإفك.
٢ تقدم حديث أبي داود ص ٢٣٧.
٣ آية ١٣ من سورة النور، وهي: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} .

<<  <   >  >>