فهذه الروايات بمجموعها يقوي بعضها بعضا ويكون الحديث على أقل تقدير حسنا لغيره.
وهذه الأحاديث المتعاضدة تبرز موقف أبي أيوب وزوجه من حادثة الإفك، وهو موقف جدير بالتنويه، ذلك لأن بعض الناس وقعوا في شرك هذه الدسيسة السيئة والفرية الذميمة فأخذوا يشيعونها دون وعي لأبعادها السيئة، أما أبو أيوب وزوجه فقد نفياها واعتبراها بهتانا عظيما، وأوضحا أن أقل رتبة في الورع والاستقامة من عائشة وصفوان لا يقع في مثل هذه السفاسف. فكيف بأم المؤمنين وزوج سيد الخلق أجمعين، فرضي الله عن أبي أيوب وزوجه وأرضاهما.
ولقد أنصفتهما عائشة رضي الله عنها فنوهت بموقفهما النزيه الشريف من هذه الفرية وكأنها تعرض بمن وقع في حبائل هذه الفتنة العمياء.
وأنزل الله سبحانه فيما أنزل في كتابه:{هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} إشارة إلى موقف أبي أيوب وزوجه، وقولهما ذلك كما أثبتت ذلك الروايات السابقة، وعلى هذا جرى عامة المفسرين فإنهم حين يفسرون قوله سبحانه {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم} يذكرون هذه روايات المتعلقة بموقف أبي أيوب وزوجه على أن المراد بهذه الإشارة القرآنية هو أبو أيوب الأنصاري وزوجه والله أعلم.