للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض طرق البخاري عن أبي وائل١: عن مسروق قال: "سألت أم رومان عن حديث الإفك فحدثتني"٢.

قال غير واحد: وهذا غلط ظاهر، فإن أم رومان ماتت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها، وقال: "من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى هذه".

قالوا: ولو كان مسروق قدم المدينة في حياتها وسألها للقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه، ومسروق إنما قدم المدينة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد روى مسروق عن أم رومان حديثا غير هذا، فأرسل الرواية عنها، فظن بعض الرواة أنه سمع منها، فحمل هذا الحديث على السماع.

قالوا: ولعل مسروقا قال: سئلت أم رومان فتصحفت على بعضهم سألت لأن بعض الناس من يكتب الهمزة بالألف على كل حال. ثم عقب بقوله: وقال آخرون: كل هذا لا يرد الرواية الصحيحة التي أدخلها البخاري في صحيحه، وقد قال إبراهيم الحربي٣ وغيره: إن مسروقا سألها وله خمس عشرة سنة، ومات وله ثمان وسبعون سنة٤، وأم رومان أقدم من حدث عنه.

قالوا: وأما حديث موتها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله في قبرها فحديث لا يصح وفيه علتان تمنعان صحته.


١ هو شقيق بن سلمة الأسدي.
٢ هذا الجمع بين "سألت أم رومان فحدثتني" لم يرد في البخاري مجموعا في حديث واحد. انظر سياق الحديث، ص ٢٩٠ وما بعدها.
٣ هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق، البغدادي أحد الأعلام روى عن أبي نعيم وعبد الله بن صالح العجلي، ومسدد وطبقتهم. وتفقه على الإمام أحمد فكان من جلة أصحابه، وعنه ابن صاعد وأبو بكر القطيعي وخلق ولد سنة ١٩٨ وتوفي سنة ٢٨٥هـ. تذكرة الحفاظ للذهبي ٢/ ٥٨٤- ٥٨٦.
٤ وكانت وفاته سنة (٦٣) انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٤٩- ٥٠ وتهذيب التهذيب لابن حجر ١٠/ ١١١.

<<  <   >  >>