للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث أم عطية١ الأنصارية رضي الله عنها قالت: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى"٢.

وفي هذه النصوص تبرز بوضوح كامل قيمة المرأة في المجتمع المسلم، فإنها فيه عضو فعال، فها هي الأحاديث الصحيحة تصرح بأن المرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تشارك في الحرب، كما أنها في السلم سيدة البيت ومربية أجيال، فليس في الإسلام حظر للمرأة أن تشارك الجيش أعباءه في القتال، بل في ذلك حث لها على سقي الماء ومداواة الجرحى وتمريض المرضى، وأكثر من ذلك فقد ورد في حديث أنس بن مالك، أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها فرآها أبو طلحة٣ فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا الخنجر"، قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين، بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قالت: يا رسول الله اقتل من بعدنا٤ من الطلقاء انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن ٥.

ولكن كل ذلك مقيد بقيود الإسلام وشروطه التي تهدف إلى صيانة المرأة عن الابتذال والسفور، والخروج عن حد الاعتدال، لتكون لقمة سائغة لكل جسد شهواني، كما تدعو إليه حضارة الغرب والشرق اليوم، ويقلدهم في ذلك أذنابهم من أبناء المسلمين، الذين اغتروا بهذه الدعايلت الزائفة، التي يروجها


١ أم عطية: هي نسيبة بالتصغير، ويقال بفتح أولها، بنت كعب، ويقال بنت الحارث، صحابية مشهورة، ثم سكنت البصرة. / ع. التقريب ٢/٦١٦.
٢ مسلم ٥/١٩٩ كتاب الجهاد وابن ماجه ٢/٩٥٢ فيه باب العبيد والنساء يشهدون مع المسلمين وأحمد ٥/٨٤.
٣ أبو طلحة هو: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري النجاري، مشهور بكنيته، من كبار الصحابة، شهد بدرا وما بعدها، (ت ٣٤) وقال أبو زرعة: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، /ع. التقريب ١/٢٧٥.
٤ تريد الذين فروا في غزوة حنين ممن أسلم يوم فتح مكة.
٥ صحيح مسلم ٥/١٩٦ كتاب الجهاد والسير.

<<  <   >  >>