للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم في أناس وهو يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة١، فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئا"،ثم سألوه عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الوأد الخفي" زاد عبيد الله في حديثه عن المقرئ٢: وهي {وَإِذَا المُوْؤُودَةُ٣ سُئِلَت} ٤.

وبسبب هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض اختلف العلماء في حكم العزل. فذهب ابن حبان وابن حزم إلى تحريمه أخذا بحديث جدامة هذا وما في معناه.

وعلل ابن حزم ذلك بأن الأحاديث الدالة على الإباحة، متمشية مع أصل الإباحة، وحديث حدامة دال على التحريم، فصح أن حديثها ناسخ لجميع الإباحات المتقدمة التي لا شك في أنها قبل البعث وبعد البعث، وهذا أمر متيقن، لأنه إذا أخبر عليه الصلاة والسلام أنه الوأد الخفي، والوأد محرم، فقد نسخ الإباحة المتقدمة بيقين، فمن ادعى أن تلك الإباحة المنسوخة قد عادت، وأن النسخ المتيقن قد بطل فقد ادعى الباطل، وقفى ما لا علم له به، وأتى بما لا دليل عليه.

وأيد ذلك بما ورد في حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم٥


١ الغيلة: بالكسر الاسم من الغيل بالفتح، وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع. النهاية لابن الأثير ٣/٤٠٢.
٢ المقرئ هو عبد الله بن يزيد المكي، أبو عبد الرحمن القصير أصله من البصرة أو الأهواز، ثقة فاضل، أقرأ القرآن نيفا وسبعين سنة، من التاسعة (ت ٢١٣) وقد قارب المائة وهو من كبار شيوخ البخاري /ع. التقريب ١/٤٦٢.
٣ سورة التكوير آية:٨ والموؤودة هي البنت كان في الجاهلية إذا ولد لأحدهم بنت دفنها في التراب وهي حية. يقال وأدها يئدها وأدا فهي موؤودة. النهاية لابن الأثير ٥/١٤٣ ومختار الصحاح ص ٧٠٥ والقاموس المحيط ١/٤٣٢- ٣٤٣.
٤ صحيح مسلم ٤/١٦١ كتاب النكاح وأحمد ٦/٣٦١ و٤٣٤.
٥ انظر الحديث في صحيح مسلم ٤/١٥٩.

<<  <   >  >>