الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فهذا تلخيص لما اشتملت عليه غزوة بني المصطلق من حوادث ووقائع من حين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة حتى رجع إليها، وذلك لإعطاء القارئ الكريم صورة موجزة عن هذه الغزوة بعيداً عن مجالات البحث وشعبه الواسعة، ليقف القارئ على مجملها بدون عناء أو تعب، ومن أراد التوسع في ذلك، فالرسالة بين يديه، وفيها جميع محتويات هذه الغزوة مفصلاً، وهذا وقت الشروع فيما نحن بصدده:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة بني المصطلق يوم الإثنين لليلتين خلتا من شهر شعبان من السنة الخامسة للهجرة على الراجح، واستخلف على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل نميلة بن عبد الله الليثي، وخرج معه في هذه الغزوة بشر كثير من المنافقين الذين لم يعتادوا الخروج في مثل هذه الكثرة قبلاً، ولعل ثقتهم بانتصار الرسول صلى الله عليه وسلم أغرتهم بالذهاب معه ابتغاء الدنيا لا انتصاراً للدين، وكان سبب هذه الغزوة أن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغه أن الحارث بن أبي ضرار رئيس قبيلة بني المصطلق والمتحدث عنها يجمع الجموع لغزو المدينة المنورة، وبعد أن تأكد الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك بواسطة أحد سفرائه وصار معلوماً لديه ما تنويه هذه القبيلة من الشر للمسلمين، جند جنوده وباغتلهم في عقر دارهم على ماء لهم بناحية قديد يقال له المرسيع فقتل من قتل منهم وسبى من سبى منهم بما فيهم النساء والذرية،