كغيره من بني الإنسان، وأنه لا يعلم الغيب وإنما الغيب لله وحده، إذ لو كان يعلم الغيب لجزم ببراءة ساحة أهله وكذب المفترين لأول وهلة، وأراح نفسه، وأراح غيره.
ولكنه مكث أكثر من شهر في قلق دائم والناس يموجون ويخوضون في ذلك، وهو لا يزيد على أن يشاور أصحابه وأتباعه في شأن أهله، ويطلب من ينجده بإيقاف هذا الحادث الأليم، ثم في آخر المطاف يذهب إلى زوجه يقول لها:"يا عائشة لقد سمعت ما يقول الناس، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده".
لقد كان هذا كله حاسما لما يخشى أن يقع فيه بعض المسلمين فيرفعون رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق منزلته التي أنزله الله إياها ويدعون له ما لم يدعه لنفسه، فكانت هذه الواقعة واضحة الدلالة على مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم غيره في البشرية، وأنه لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه. وقد أوضح ذلك في قوله تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} ، [سورة الجن، الآيتان: ٢٧] .