فكانوا ينتظرون ما تصنعه قريش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانت لهم تحركات ضد المسلمين بينتها بجلاء في هذا الباب، كما تحدثت عن موقف المسلمين من هذه التحركات وبينت أيضا وجوب إنذار الكافرين أو عدم إنذارهم ناقلا في ذلك أقوال العلماء ومرجحا ما ظهر لي أنه الراجح بالدليل، كما رجحت أن بني المصطلق كانت قد بلغتهم الدعوة الإسلامية وأن عندهم الإنذار المسبق وبهذا يسقط الاعتراض الوارد على كون رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذهم على غرة.
وأشرت في هذا الباب إلى سبب هذه الغزوة محددا تاريخها مع وصف ما دار فيها من أحداث خطيرة، وما انتهت إليه من نتائج عظيمة ونصر للإسلام والمسلمين. مبينا موقف بني المصطلق بعد الغزوة كما رجحت وجود سعد بن معاذ في هذه الغزوة ورددت على القائلين بخلاف ذلك.
أما الباب الثاني: فقد تركز الحديث فيه عن دور المنافقين في بدء الدعوة الإسلامية بوجه عام وعن دورهم في هذه الغزوة بصفة خاصة. وقد حاولت أن أضع صورة وافية للدسائس والمكايد التي كان يقوم بها حزب النفاق من أجل عرقلة انتشار الدعوة الإسلامية، مبينا ظهور نشأة النفاق وأسبابه، ومواقف المنافقين في الغزوات التي سبقت هذه الغزوة مع الإشارة إلى خطورة النفاق وأضراره الجسيمة على الإسلام والمسلمين.
وقد حظي موقفهم في غزوة المريسيع بحديث واسع بينت فيه كل ما قاموا به من أعمال عدوانية وتخذيل في صفوف المسلمين. واستغلالهم الفرص التي يبثون فيها شبههم وأفكارهم السيئة ومن ذلك إثارتهم للعصبية الجاهلية في هذه الغزوة، ورفعهم للشعارات القبلية وما صاحب ذلك من فتن كادت تعصف ريحها بكثير من المسلمين، وأشرت إلى حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في معالجة هذه السموم التي ينفثها المنافقون مع حلمه في عدم مؤخذة القائمين بذلك. وأسوأ عمل قام به المنافقون على الإطلاق في هذه الغزوة هو اختلاقهم لحادثة الإفك التي كان لها أثرها السيئ في نفوس المسلمين ووقعها الأليم في ساحة النبوة الطاهرة، وقد استغرق الحديث عن هذه الحادثة وقت طويلا، لتشعب رواياتها وكثرة أحداثها، وقد تكلمت على جميع الجوانب المتصلة بها من