للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: حكم إنذار العدو قبل بدئه بالقتال]

قبل الحديث عن إنذار الرسول صلى الله عليه وسلم لبني المصطلق أو عدم إنذاره لهم، يحسن أن نبدأ ببيان حكم الدعوة إلى الإسلام عموماً، وما هي الخطوات التي كان يتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع المدعوين إلى الإسلام، وبيان الأدلة على وجوب إنذار العدو أو عدم وجوبه، وذكر الخلاف الوارد بين أهل العلم في ذلك، باختصار، ليكون ذلك تمهيداً لما نحن بصدده، حيال غزوة بني المصطلق. وفيما يأتي أقوال العلماء:

أ- ذهب بعض العلماء إلى وجوب الدعوة إلى الإسلام مطلقاً، سواء أكان عند المدعوين علم بالإسلام أم لا، وإليه ذهب مالك وجماعة من العلماء١.

ب- وذهب أكثر العلماء إلى التفصيل بين من بلغتهم الدعوة وعلموا بها، فلا يجب في حقهم الإنذار، وبين من لم تبلغهم الدعوة ولا علموا بها، فيجب الإنذار في حقهم، وإليه ذهب الأئمة الثلاثة وأتباعهم.

ج- وهناك قول ثالث بعدم وجوب الإنذار مطلقاً، حكاه المازري٢.والقاضي عياض٣٤.

استدلّ الفريق الأول بأحاديث منها:

١- ما رواه مسلم وأبو داود وغيرهما من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على


١ منهم علي بن أبي طالب وعمر بن عبد العزيز، والهادوية.
انظر: المدونة الكبرى لمالك ٢/٣، نيل الأوطار للشوكاني ٧/٢٤٤.
٢ هو أبو عبد الله محمد بن علي المازري، صاحب كتاب (المعلم بفوائد كتاب مسلم) لم يكمل (ت ٥٣٦) من مقدمة تحفة الأحوذي للمباركفوري ١/٢٥٨.
٣ هو عياض بن موسى اليحصبي المالكي، صاحب كتاب (الإكمال بشرح مسلم) كمل به كتاب المعلم للمازري، (ت ٥٤٤) المصدر السابق ١/٢٥٨.
٤ انظر هذه المذاهب: في الاعتبار للحازمي ص ٢١١- ٢١٢، شرح مسلم للنووي ٤/٣٣٠، فتح الباري ٧/٤٧٨.

<<  <   >  >>