للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المذهب الثالث القائل بعدم الإنذار مطلقاً، فهو مذهب ضعيف ترفضه الأحاديث المتقدمة.

وقد صرح بضعفه المازري والقاضي عياض وغيرهما من العلماء. والراجح في هذه المسألة هو مذهب جماهير العلماء القائلين بالتفصيل بين من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام فتجب دعوته، وبين من بلغته الدعوة فلا تجب، وبه يمكن الجمع بين الأحاديث، ومتى أمكن الجمع فلا يصار إلى غيره، لأن العمل بجميع الأحاديث أولى من رد بعضها١.وقد وردت السنة بجواز الإغارة على من بلغته الدعوة إلى الإسلام، من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم:

١- كما هو في حديث عبد الله بن عمر وأنس بن مالك المتقدمين٢.

٢- ومن تقريره صلى الله عليه وسلم كما في حديث الصعب بن جثامة الليثي: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال: "هم منهم" ٣.

٣- ومن قوله صلى الله عليه وسلم كما هو في حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إليه فقال: "أغر على أبنى ٤ صباحاً وحرق" ٥.


١ انظر: الاعتبار للحازمي ص٢١١-٢١٢، شرح معاني الآثار للطحاوي٣/٢٠٧ و٢٠٨و٢١٠،وشرح مسلم للنووي٤/٣٣٠و٣٤٣،ونصب الراية للزيلعي٣/٣٧٩ و٣٨٢، وفتح الباري ٦/١١٢ و٧/٤٧٨، وسبل السلام للصنعاني ٤/٤٥، ونيل الأوطار للشوكاني ٧/٢٤٤ و٢٤٦ و٢٤٧.
٢ انظر: ص.
٣ البخاري ٤/٤٨ كتاب الجهاد، باب أهل الدار يبيتون، ومسلم ٥/١٤٤ فيه واللفظ له (ويبيتون) مبني للمفعول.
٤ أبنى: بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر بوزن حبلى. موضع بالشام من جهة البلقاء، معجم البلدان لياقوت ١/٧٩.
٥ رواه أبو داود في ٢/٣٦ من كتاب الجهاد باب الحرق في بلاد العدو وابن ماجه فيه ٢/٩٤٨ كلاهما من طريق صالح بن أبي الأخضر، قال فيه ابن حجر: "ضعيف يعتبر به" التقريب ١/٣٥٨ والحديث رواه الشافعي أيضاً في الأم ٤/١٧٤ من غير طريق صالح بن أبي الأخضر، ولفظه: قال الشافعي: أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن جعفر الأزهري، قال: سمعت ابن شهاب يحدث عن عروة عن أسامة بن زيد قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن أغزو صباحاً على أهل أبنى وأحرق".

<<  <   >  >>