للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم، حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: المريسيع إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق، وقتل* من قتل منهم، ونفّل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم، فأفاءهم عليه، وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر، يقال له: هشام١ بن صبابة، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت، وهو يرى أنه من العدو، فقتله خطأ.


* وعند الواقدي في المغازي١/٤٠٧ فما أفلت منهم إنسان، وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم.
١ هشام بن صبابة بن حزن بن سيار بن عبد الله بن كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة، الكناني الليثي، أخو مقيس بن صبابة. انظر: أسد الغابة لابن الأثير ٥/٤٠٠، وساق ابن حجر نسبه عن ابن الكلبي إلى كنانة. ثم قال: وقال أبو سعيد السكري: هو هشام بن حزن، وأمه صبابة بنت مقيس بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم. ثم ساق ابن حجر حديث ابن إسحاق هذا ثم قال: "وفي تفسير سعيد بن جبير الذي رواه ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عنه، وكذا في تفسير ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} ، [سورة النساء، من الآية: ٩٣] ، قال: نزلت في مقيس بن صبابة وكان قد أسلم هو وأخوه هشام فوجد مقيس أخاه قتيلاً فشكا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بالدية فأخذها ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، وارتد وأقام بمكة وقال في ذلك أبياتاً. وسمي الواقدي بسند له قاتله أوساً. وسمى المقتول هاشماً، وكذا وقع عن ابن شاهين من طريق محمد بن يزيد عن رجاله"، ثم قال ابن حجر، والأول أرجح وصبابة بالمهملة عند أكثر أهل اللغة، وقال ابن دريد: ضبابة بالضاد المعجمة، ومقيس: بكسر الميم وسكون القاف وفتح المثناة". انظر: الإصابة ٣/٦٠٣، فتح الباري ٨/٢٥٨، وعند ابن جرير: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج عن ابن جريج عن عكرمة أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج وقال غيره: "ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار، ثم بعث مقيساً وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فاحتمل مقيس الفهري وكان قوياً، فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألفى يتغنى:
قتلت به فهراً وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أظنه قد أحدث حدثاً، أما والله لئن كان فعل لا أؤمنه في حل ولا حرم، ولا سلم ولا حرب"، فقتل يوم الفتح، قال ابن جرير: "وفيه نزلت هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} "، الآية، [سورة النساء، من الآية: ٩٣] ، تفسير الطبري ٥/٢١٧. والحديث أورده الواحدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، في سبب نزول هذه الآية. انظر أسباب النزول للواحدي ص ١١٤. قلت: كون هذه الآية نزلت في شأن مقيس قول ضعيف. وذلك لما يأتي:
١- عطاء بن دينار الهذلي، لم يصح أنه سمع التفسير من ابن جبير، وإنما هي صحيفة رواها عنه. انظرك تهذيب التهذيب ٧/١٩٨ وتقريب التهذيب ٢/٢١ وميزان الاعتدال ٣/٦٩-٧٠.
٢- الحديث المروي عن ابن عباس فيه الكلبي وهو محمد بن السائب أبو النضر الكوفي النسابة المفسر قال عبد ابن حجر: في التقريب ٢/١٦٣ متهم بالكذب ورمي بالرفض. وفي ميزان الإعتدال ٣/٥٥٩. قال ابن معين: "الكلبي ليس بثقة"، وقال الجوزجاني وغيره: "كذاب". وقال الدارقطني وجماعة: "متروك". ثم قال الذهبي: "لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به". وفيه أبو صالح: وهو باذام مولى أم هانىء. ضعفه البخاري، وقال النسائي: "ليس بثقة"، ثم قال الذهبي: "أبو صالح يروي عن ابن عباس التفسير ولم ير ابن عباس". ميزان الاعتدال ١/٢٩٦، و٣/٥٥٩.
٣- حديث الطبري فيه عنعنة ابن جريج، وفيه انقطاع لأن عكرمة لم يحضر القصة. أما كون هشام بن صبابة قتل في غزوة بني المصطلق فهو الذي أطبق عليه المؤرخون، إلاَّ ما كان من ابن عبد البر فقد ذكر في الاستيعاب ٣/٥٩٥ أنه قتل في غزوة ذي قرد، وهو شيء ذكره بدون إسناد.
وأما مقيس فكان من النفر الذين أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم فتح مكة، فقتله نميلة بن عبد الله وكان من قومه. انظر أسد الغابة ٥/٣٦٣ والإصابة ٣/٥٧٤ وسيرة ابن هشام ٢/٤١٠.

<<  <   >  >>