وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ وَالْإِضْرَابُ مَفْهُومٌ مِنْ أَخْذِكَ فِي كَلَامٍ آخَرَ وَتَرْكِ الْأَوَّلِ
قَالَ الصَّفَّارُ: فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَبَاطِلٌ لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يُعْطِي فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ فَيَبْقَى التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِنَّهَا لَإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ
وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي حَذْفُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِي الْكَلَامِ وَهُوَ مِنْ مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الِاسْتِفْهَامِ وَكَذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ يَصِيرُ مَعَهَا الِاسْمَانِ بِمَنْزِلَةِ "أَيْ" وَيَكُونُ مَا ذُكِرَ خَبَرًا عَنْ "أَيْ" فَإِذَا قُلْتَ أَزَيْدٌ عِنْدَكَ؟ أَمْ عَمْرٌو؟ فَالْمَعْنَى أَيُّهُمَا عِنْدَكَ؟ وَالظَّرْفُ خَبَرٌ لَهُمَا
ثُمَّ الْمُتَّصِلَةُ تَكُونُ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدِ عَلَى مِثْلِهِ نَحْوُ أَزَيْدٌ عِنْدَكَ أَمْ عَمْرٌو كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خير أم الله الواحد القهار} ،أَيْ أَيُّ الْمَعْبُودِينَ خَيْرٌ وَفِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُتَأَوَّلَتَيْنِ بِالْمُفْرَدِ نَحْوُ: {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شجرتها أم نحن المنشئون} ،أَيِ الْحَالُ هَذِهِ أَمْ هَذِهِ؟
وَالْمُنْقَطِعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى عَطْفِ الْجُمَلِ وَهِيَ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِفْهَامِ بِمَثَابَةِ بَلْ وَالْهَمْزَةِ وَمَعْنَاهَا فِي الْقُرْآنِ التَّوْبِيخُ كَمَا كَانَ فِي الْهَمْزَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أم اتخذ مما يخلق بنات} أَيْ بَلْ أَتَّخَذَ؟ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهَا خَبَرٌ وَالْمُرَادُ بِهَا التَّوْبِيخُ لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَجَرَى عَلَى كَلَامِ الْعِبَادِ
وَقَوْلِهِ: {الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا ريب فيه} ثم قال: {أم يقولون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute