افتراه} تَقْدِيرُهُ بَلْ أَيَقُولُونَ؟ كَذَا جَعَلَهَا سِيبَوَيْهِ مُنْقَطِعَةً لِأَنَّهَا بَعْدَ الْخَبَرِ.
ثُمَّ وَجَّهَ اعْتِرَاضًا: كَيْفَ يستفهم الله عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُرِيدُ أَنَّ فِي كَلَامِهِمْ يَكُونُ الْمُسْتَفْهِمُ مُحَقِّقًا لِلشَّيْءِ لَكِنْ يُورِدُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يتذكر أو يخشى} وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ وَلَا يَخْشَى لَكِنَّهُ أَرَادَ لَعَلَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي رَجَائِكُمَا
وَقَوْلِهِ: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} تَقْدِيرُهُ بَلْ أَتَّخَذَ؟ بِهَمْزَةٍ مُنْقَطِعَةٍ لِلْإِنْكَارِ وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى بَلْ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ كَقَوْلِهِ تعالى: {أمن خلق السماوات والأرض} وَمَا بَعْدَهَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: وَلَا يَمْتَنِعُ عِنْدِي إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى بَلْ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ يقولون شاعر} وقوله: {أم كان من الغائبين} وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ من هذا الذي هو مهين} بِمَعْنَى بَلْ وَلَيْسَ بِحَرْفِ عَطْفٍ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَقَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعَانِي: الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ وَحِينَئِذٍ تَمَّ الْكَلَامُ وَفِي الْآيَةِ إِضْمَارٌ وَالْأَصْلُ: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} أَمْ تُبْصِرُونَ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {أَنَا خَيْرٌ}
قُلْتُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ مُنْقَطِعَةً وَعَلَى الثَّانِي مُتَّصِلَةً
وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِنَّهَا زَائِدَةٌ وَإِنَّ التَّقْدِيرَ أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ! وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَسْأَلُهُمْ عَنِ اسْتِوَاءِ عِلْمِهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَدْرَكَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute