للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيت ذكرها الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى النَّحْوِيِّينَ احْتِجَاجَهُمْ عَلَى الْقُرْآنِ بِالشِّعْرِ وَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الشِّعْرَ أَصْلًا لِلْقُرْآنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّحْوِيُّونَ أَنْ يُثْبِتُوا الْحَرْفَ الْغَرِيبَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالشِّعْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّا أنزلناه قرآنا عربيا} وقال تعالى: {بلسان عربي مبين}

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ فَإِذَا خَفِيَ عَلَيْهِمُ الْحَرْفُ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ بِلُغَتِهِمْ رَجَعُوا إِلَى دِيوَانِهِمْ فَالْتَمَسُوا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ ثُمَّ إِنْ كَانَ مَا تَضَمَّنَهُ أَلْفَاظُهَا يُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ كَفَى فِيهِ الِاسْتِشْهَادُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشِّعْرِ

وَيَنْبَغِي الْعِنَايَةُ بِتَدَبُّرِ الْأَلْفَاظِ كَيْ لَا يَقَعَ الْخَطَأُ كَمَا وَقَعَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ فَرَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ ساهون} فَقَالَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْ صِلَاتِهِ وَلَا يَدْرِي عَنْ شَفْعٍ أَوْ وَتْرٍ قَالَ الْحَسَنُ مَهْ يَا أَبَا الْعَالِيَةِ لَيْسَ هَكَذَا بَلِ الَّذِينَ سَهَوْا عَنْ مِيقَاتِهِمْ حَتَّى تَفُوتَهُمْ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: {عَنْ صَلَاتِهِمْ} فَلَمَّا لَمْ يَتَدَبَّرْ أبو العالية حرف في وعن تَنَبَّهَ لَهُ الْحَسَنُ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا فَهِمَ أَبُو الْعَالِيَةِ لَقَالَ فِي صَلَاتِهِمْ فَلَمَّا قَالَ عَنْ صَلَاتِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذَّهَابُ عَنِ الْوَقْتِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن} أَنَّهُ مِنْ عَشَوْتُ أَعْشُو عَشْوًا إِذَا نَظَرْتُ وَغَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يُعْرِضْ وَإِنَّمَا غَلِطَ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَشَوْتُ إِلَى الشَّيْءِ وَعَشَوْتُ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>