إِنَّهُ تَامٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّاسِخِينَ لَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَيُصَدِّقُهُ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِهِ
وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الله ولدا} وَالِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ: {سُبْحَانَهُ} وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُ تَامٌّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي تَعَقَّبَ فِيهِ على صاحب الاكتفا وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ فِيهِ مَوَاقِفَ كَثِيرَةً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِمْ: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} ثُمَّ رَدَّ قَوْلَهُمْ وَنَزَّهَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ: {سُبْحَانَهُ} فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ
وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ على قوله تعالى: {الشيطان سول لهم} والابتداء بقوله: {وأملى لهم} قال صاحب الكافي {سَوَّلَ لَهُمْ} كَافٍ سَوَاءٌ قُرِئَ: {وَأُمْلِيَ لَهُمْ} عَلَى مَا يُسَمَّ فَاعِلُهُ أَوْ {وَأُمْلِي لَهُمْ} عَلَى الْإِخْبَارِ لِأَنَّ الْإِمْلَاءَ فِي كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ مُسْنَدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} فَيَحْسُنُ قَطْعُهُ مِنَ التَّسْوِيلِ الَّذِي هُوَ مُسْنَدٌ إِلَى الشَّيْطَانِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ قَطْعُهُ بِالْوَقْفِ لِيُفْصَلَ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ وَلَقَدْ نَبَّهَ بَعْضُ مَنْ وَصَلَهُ عَلَى حُسْنِ هَذَا الْوَقْفِ فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْوَصْلَ هُوَ الْأَصْلُ
وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ على قوله: {رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها} وَالِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} وَذَلِكَ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الرَّهْبَانِيَّةَ فِي قُلُوبِهِمْ أَيْ خَلَقَ كَمَا جَعَلَ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَإِنْ كَانُوا قَدِ ابْتَدَعُوهَا فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تعملون} هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute