وَقَدْ نُسِبَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ إِلَى مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ بِقَوْلِهِ فِي الْإِيضَاحِ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَا يَسْتَقِيمُ حَمْلُهَا عَلَى {جَعَلْنَا} مَعَ وَصْفِهَا بِقَوْلِهِ: {ابْتَدَعُوهَا} لِأَنَّ مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَا يَبْتَدِعُونَهُ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ بِالْوَقْفِ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ
وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّ الله هو مولاه} وَالِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أَيْ مُعِينُونَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً
وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ بِالْقِرَاءَاتِ فَلِأَنَّهُ إِذَا قَرَأَ {ويقولون حجرا محجورا} بفتح الحاء كان هذا التمام وَإِنْ ضَمَّ الْحَاءَ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ فَالْوَقْفُ عِنْدَ {حُجْرًا} لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَ إِذَا نَزَلَ بالواحد منهم شدة قال حجرا فقيل له مَحْجُورًا أَيْ لَا تُعَاذُونَ كَمَا كُنْتُمْ تُعَاذُونَ فِي الدُّنْيَا حَجَرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَإِذَا قَرَأَ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النفس بالنفس} إِلَى قَوْلِهِ: {قِصَاصٌ} فَهُوَ التَّامُّ إِذَا نَصَبَ {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} وَمَنْ رَفَعَ فَالْوَقْفُ عِنْدَ: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وَتَكُونُ {وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ} ابْتِدَاءَ حُكْمٍ في المسلمين وما قبله في التوراة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute