وَالزَّجْرُ وَالِاعْتِبَارُ وَالتَّقْرِيرُ وَتَرْتِيبُ الْمُرَادِ لِلْعَقْلِ وَتَصْوِيرُهُ فِي صُورَةِ الْمَحْسُوسِ بِحَيْثُ يَكُونُ نِسْبَتُهُ لِلْفِعْلِ كَنِسْبَةِ الْمَحْسُوسِ إِلَى الْحِسِّ وَتَأْتِي أَمْثَالُ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيَانِ تَفَاوُتِ الْأَجْرِ وَعَلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَعَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَعَلَى تَفْخِيمِ الْأَمْرِ أو تحقيره وعلى تحقيق أمر وإبطال أمر قال تعالى: {وضربنا لكم الأمثال} فَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ لَمَّا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ من كل مثل} وَقَالَ {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلا العالمون}
وَالْأَمْثَالُ مَقَادِيرُ الْأَفْعَالِ وَالْمُتَمَثِّلُ كَالصَّانِعِ الَّذِي يُقَدِّرُ صناعته كَالْخَيَّاطِ يُقَدِّرُ الثَّوْبَ عَلَى قَامَةِ الْمَخِيطِ ثُمَّ يفريه ثم يقطع وكل شيء به قَالَبٌ وَمِقْدَارٌ وَقَالَبُ الْكَلَامِ وَمِقْدَارُهُ الْأَمْثَالُ
وَقَالَ الْخَفَاجِيُّ: سُمِّيَ مَثَلًا لِأَنَّهُ مَاثِلٌ بِخَاطِرِ الْإِنْسَانِ أَبَدًا أَيْ شَاخِصٌ فَيَتَأَسَّى بِهِ وَيَتَّعِظُ وَيَخْشَى وَيَرْجُو وَالشَّاخِصُ الْمُنْتَصِبُ وَقَدْ جَاءَ بِمَعْنَى الصِّفَةِ كقوله تعالى: {ولله المثل الأعلى} أَيِ الصِّفَةُ الْعُلْيَا وَهُوَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَوْلُهُ: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المتقون} أَيْ صِفَتُهَا
وَمِنْ حِكْمَتِهِ تَعْلِيمُ الْبَيَانِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَالْمَثَلُ أَعْوَنُ شَيْءٍ عَلَى الْبَيَانِ
فَإِنْ قُلْتَ: لِمَاذَا كَانَ الْمَثَلُ عَوْنًا عَلَى الْبَيَانِ وَحَاصِلُهُ قِيَاسُ مَعْنًى بِشَيْءٍ مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ الْمَقِيسَ فَحَقُّهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ شَبِيهِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لَمْ يُحْدِثِ التَّشْبِيهُ عنده معرفة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute