للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَمِنْ أَغْرَبِ آيَةٍ فِي النَّسْخِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا مَنْسُوخَانِ وَوَسَطُهَا مُحْكَمٌ

وَقَسَّمَهُ الْوَاحِدِيُّ أَيْضًا إِلَى نَسْخِ مَا لَيْسَ بِثَابِتِ التِّلَاوَةِ كَعَشْرِ رَضَعَاتٍ وَإِلَى نَسْخِ مَا هُوَ ثَابِتُ التِّلَاوَةِ بِمَا لَيْسَ بِثَابِتِ التِّلَاوَةِ كَنَسْخِ الْجَلْدِ فِي حَقِّ الْمُحْصِنِينَ بِالرَّجْمِ وَالرَّجْمُ غَيْرُ مَتْلُوٍّ الآن وإنه كَانَ يُتْلَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْحُكْمُ ثَبَتَ وَالْقِرَاءَةُ لَا تَثْبُتُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَثْبُتَ التِّلَاوَةُ فِي بَعْضٍ وَلَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ قُرْآنٌ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ قُرْآنٌ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُتْلَى وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِنَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ مَصْلَحَتِنَا تَعَلُّقَ الْعَمَلِ بهذا الوجه

التنبيه الثالث

في تقسيم القرآن على ضروب من وجه آخر

قَسَّمَ بَعْضُهُمُ النَّسْخَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

الْأَوَّلُ: نَسْخُ الْمَأْمُورِ بِهِ قَبْلَ امْتِثَالِهِ وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ النَّسْخُ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَأَمْرِ الْخَلِيلِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} ثم نسخه سبحانه بقوله: {أأشفقتم} الْآيَةَ

الثَّانِي: وَيُسَمَّى نَسْخًا تَجَوُّزًا وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا كَحَتْمِ الْقِصَاصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>