الْعَاقِبَةَ مَسْتُورَةٌ وَالْأُمُورَ بِخَوَاتِيمِهَا وَلِهَذَا قِيلَ لَا يُغْرَنَّكُمْ صَفَاءُ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّ تَحْتَهَا غَوَامِضَ الْآفَاتِ
وَقَوْلُهُ: "رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رأى} الآية فَأَخْبَرَ أَنَّ النَّاظِرَ فِي مَلَكُوتِ اللَّهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ضُرُوبِ الِامْتِحَانِ وَأَنَّ الْهِدَايَةَ يَمْنَحُهَا اللَّهُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَ التَّبَرِّي مِنْهَا وَالْمَعْصُومُ من عصمه الله قال تعالى: {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} وَقَالَ: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وهبنا له إسحاق ويعقوب} وَطُلُوعُ الْكَوَاكِبِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَمِنْ هُنَاكَ إِقْبَالُهَا وَذَلِكَ أَشْرَفُ لَهَا وَأَكْبَرُ لِشَأْنِهَا عِنْدَ الْمَفْتُونِينَ وَغُرُوبُهَا إِدْبَارُهَا وَطُلُوعُهَا بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لِيُزَيِّنَهَا لَهُمْ قَالَ تَعَالَى: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لهم الشيطان أعمالهم} وَلِمَا كَانَ فِي مَطْلَعِ النَّيِّرَاتِ مِنَ الْعِبَرِ بِطُلُوعِهَا مِنْ هُنَاكَ وَظُهُورِهَا عَظُمَتِ الْمِحْنَةُ بِهِنَّ وَلِمَا فِي الْغُرُوبِ مِنْ عَدَمِ تِلْكَ الْعِلَّةِ التي تتبين هناك قرن بِتَزْيِينِ الْعَدُوِّ لَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ" وَلِأَجْلِ مَا بَيْنَ مَعْنَى الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ كَانَ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحًا مِنْ جِهَتِهِ إِلَى يَوْمِ تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْهُ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لهم من دونها سترا} أَيْ وَقَعَتْ عُقُولُهُمْ عَلَيْهَا وَحُجِبَتْ بِهَا عَنْ حَالَتِهَا مَعَ قَوْلِهِ: {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا للقمر}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute