للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقُّ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ وَعَدَهُمْ بِالْمَدَدِ الْكَرِيمِ فَقَالَ: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ العزيز الحكيم} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ من الله ما لا يرجون}

وَقَدْ جَاءَ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الْقَسْمِ مَا يُرَادُ مِنْهُ الْأَخْذُ بِالْحَزْمِ وَالتَّأَنِّي بِالْحَرْبِ وَالِاسْتِظْهَارُ عَلَيْهَا بِالْعُدَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قوة}

وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَا جَاءَ فِي قَصَصِ الْأَشْقِيَاءِ تَحْذِيرًا لِمَا نَزَلَ مِنَ الْعَذَابِ وَإِخْبَارًا لِلسُّعَدَاءِ فِيمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ

السَّادِسَ وَالْعِشْرُونَ: خِطَابُ التَّنْفِيرِ

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إن الله تواب رحيم} فَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوْصَافًا وَتَصْوِيرًا لِمَا يَنَالُهُ الْمُغْتَابُ مِنْ عِرْضِ مَنْ يَغْتَابُهُ عَلَى أَفْظَعِ وَجْهٍ وَفِي ذَلِكَ مَحَاسِنُ كَالِاسْتِفْهَامِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ وَجَعْلِ مَا هُوَ الْغَايَةُ فِي الْكَرَاهَةِ مَوْصُولًا بِالْمَحَبَّةِ وَإِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى {أَحَدِكُمْ} وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يُحِبُّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى تَمْثِيلِ الِاعْتِبَارِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْإِنْسَانِ حَتَّى جَعَلَهُ أَخًا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى لَحْمِ الْأَخِ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>