للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُخْرَى فَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّهُ كَانَ وَعَدَهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَذَابِ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ فَقَالَ: يُصِبْكُمْ هَذَا الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا -وَهُوَ بَعْضُ الْوَعِيدِ- مِنْ غَيْرِ نَفْيِ عَذَابِ الْآخِرَةِ

الثَّانِي: أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي فَهْمِ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا مُرَادُ الشَّاعِرِ بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسُهُ هُوَ لِأَنَّهَا بَعْضُ النُّفُوسِ حَقِيقَةً وَمَعْنَى الْبَيْتِ: أَنَا إِذَا لَمْ أَرْضَ الْأَمْكِنَةَ اتْرُكْهَا إِلَى أَنْ أَمُوتَ أَيْ إِذَا تَرَكَتْ شَيْئًا لَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلَى أَنْ أَمُوتَ كَقَوْلِ الْآخَرِ:

إِذَا انْصَرَفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ لَمْ تَكَدْ

إِلَيْهِ بِوَجْهٍ آخِرَ الدَّهْرِ تَرْجِعُ

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فَيَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُ الْمَازِنِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَلْقَى: كَانَ أَجْفَى مِنْ أَنْ يَفْقَهَ مَا أَقُولُ لَهُ وَأَشَارَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَالَ لِلْمَازِنِيِّ: مَا أكذب النحويين! فقلت له: لم قلت ذلك؟ قال: يقولون: هاء التأنيث تدخل على ألف التأنيث وإن الألف التي في علقى ملحقة ليست للتأنيث قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رُؤْبَةَ يَنْشِدُ:

فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورٍ

فَلَمْ يُنَوِّنْهَا فَقُلْتُ: مَا وَاحِدُ الْعَلْقَى فَقَالَ: عَلْقَاةٌ قَالَ الْمَازِنِيُّ: فَأَسِفْتُ وَلَمْ أُفَسِّرْ لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ أَغْلَظُ مِنْ أَنْ يَفْهَمَ مِثْلَ هَذَا!

<<  <  ج: ص:  >  >>