قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَنَّ الْوَعِيدَ مِمَّا لَا يُسْتَنْكَرُ تَرْكُ جَمِيعِهِ فَكَيْفَ بَعْضُهُ! وَيَدُلُّ قَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يرجعون} وَفِيهَا تَأْيِيدٌ لِكَلَامِ ثَعْلَبٍ أَيْضًا
وَقَدْ يُوصَفُ البعض كقوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} وقوله: {ناصية كاذبة خاطئة} الْخَطَأُ صِفَةُ الْكُلِّ فَوَصَفَ بِهِ النَّاصِيَةَ وَأَمَّا الْكَاذِبَةُ فَصِفَةُ اللِّسَانِ
وَقَدْ يُوصَفُ الْكُلُّ بِصِفَةِ البعض كقوله: {إنا منكم وجلون} وَالْوَجَلُ صِفَةُ الْقَلْبِ
وَقَوْلِهِ: {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} وَالرُّعْبُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَلْبِ
الْخَامِسُ: إِطْلَاقُ اسم الملزوم على اللازم
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يتكلم بما كانوا به يشركون} أَيْ: أَنْزَلْنَا بُرْهَانًا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ وَهُوَ يَدُلُّهُمْ سَمَّى الدَّلَالَةَ كَلَامًا لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الْكَلَامِ
وقوله: {صم وبكم في الظلمات} فَإِنَّ الْأَصْلَ "عُمْيٌ" لِقَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {صم بكم عمي} لَكِنْ أَتَى بِالظُّلُمَاتِ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمَ الْعُمْيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute