وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كفرا لن تقبل توبتهم} كَنَّى بِنَفْيِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عَنِ الْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ لِأَنَّهُ يُرَادِفُهُ
رَابِعُهَا: أَنْ يَفْحُشَ ذِكْرُهُ فِي السَّمْعِ فَيُكَنَّى عَنْهُ بِمَا لَا يَنْبُو عنه الطَّبْعِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كراما} أَيْ: كَنَّوْا عَنْ لَفْظِهِ وَلَمْ يُورِدُوهُ عَلَى صِيغَتِهِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي جَوَابِ قَوْمِ هود: {إنا لنراك في سفاهة} {قال يا قوم لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ العالمين} فَكَنَّى عَنْ تَكْذِيبِهِمْ بِأَحْسَنَ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ لا تواعدوهن سرا} فَكَنَّى عَنِ الْجِمَاعِ بِالسِّرِّ
وَفِيهِ لَطِيفَةٌ أُخْرَى لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ فِي السِّرِّ غَالِبًا وَلَا يُسِرَّهُ -مَا عَدَا الْآدَمِيِّينَ- إِلَّا الْغُرَابُ فَإِنَّهُ يُسِرُّهُ وَيُحْكَى أَنَّ بَعْضَ الْأُدَبَاءِ أَسَرَّ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الْحَاتِمِيِّ كَلَامًا فَقَالَ: لِيَكُنْ عِنْدَكَ أَخْفَى مِنْ سِفَادِ الْغُرَابِ وَمِنَ الرَّاءِ فِي كَلَامِ الْأَلْثَغِ فَقَالَ: نَعَمْ يَا سَيِّدَنَا وَمِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَعِلْمِ الْغَيْبِ
وَمِنْ عَادَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الْكِنَايَةُ عَنِ الْجِمَاعِ بِاللَّمْسِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالرَّفَثِ وَالدُّخُولِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِنَّ قَالَ تَعَالَى: {فَالْآنَ باشروهن} فَكَنَّى بِالْمُبَاشَرَةِ عَنِ الْجِمَاعِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} إِذْ لَا يَخْلُوا الْجِمَاعُ عَنِ الْمُلَامَسَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute