للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ فِي الْكِنَايَةِ عَنْهُنَّ: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وأنتم لباس لهن} وَاللِّبَاسُ مِنَ الْمُلَابَسَةِ وَهِيَ الِاخْتِلَاطُ وَالْجِمَاعُ

وَكَنَّى عَنْهُنَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} كِنَايَةٌ عَمَّا تَطْلُبُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ

وَقَوْلُهُ تعالى: {فلما تغشاها حملت حملا خفيفا}

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي مَرْيَمَ وَابْنِهَا: {كَانَا يأكلان الطعام} فَكَنَّى بِأَكْلِ الطَّعَامِ عَنِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لِأَنَّهُمَا منه مسببان إذ لابد لِلْآكْلِ مِنْهُمَا لَكِنِ اسْتُقْبِحَ فِي الْمُخَاطَبِ ذِكْرُ الْغَائِطِ فَكَنَّى بِهِ عَنْهُ

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أحد منكم من الغائط}

قُلْنَا: لِأَنَّهُ جَاءَ عَلَى خِطَابِ الْعَرَبِ وَمَا يَأْلَفُونَ وَالْمُرَادُ تَعْرِيفُهُمُ الْأَحْكَامَ فَكَانِ لَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْغَائِطَ أَيْضًا كِنَايَةٌ عَنِ النَّجْوِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ مِنَ الْأَرْضِ وَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا قَضَاءَ حَاجَتِهِمْ أَبْعَدُوا عَنِ الْعُيُونِ إِلَى مُنْخَفَضٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسُمِّيَ مِنْهُ لِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي كَلَامِهِمْ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ

وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانَا يَأْكُلَانِ الطعام} هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَنْكَرَهُ الْجَاحِظُ وَقَالَ: بَلِ الْكَلَامُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِلَهِيَّةِ نَفْسُ أَكْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>