للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطويل. وجاء في حديث كعب أن الذين تخلفوا كانوا بضعة وثمانين رجلاً، اعتذروا للرسول صلى الله عليه وسلم عن تخلفهم، فقبل منهم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووَكَلَ سرائرهم إلى الله، ويتطابق هذا العدد مع ما ذكره الواقدي (١) ، وزاد الواقدي بأن المعذرين من الأعراب كانوا أيضاً اثنين وثمانين رجلاً من بني غفار وغيرهم، وأن عبد الله بن أبي بن سلول - زعيم المنافقين - ومن تابعه من قومه كانوا من غير هؤلاء.

يبدو أن بودلي وغيره استند في زعمه بأن أغلبية المسلمين تخلفوا عن غزوة تبوك إلى ما ذكره الواقدي (٢) من أن عدد الذين تابعوا عبد الله بن أبي من قومه في عدم الخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا عدداً كثيراً، وروى هو وابن سعد (٣) وابن إسحاق (٤) أن ابن أبي خرج حتى وصل جبل ذياب بالمدينة ومعه حلفاؤه من اليهود والمنافقين، فكان يقال: ليس عسكر ابن أبي بأقل العسكرين، فلما سار الرسول صلى الله عليه وسلم تخلف عنه فيمن تخلف من المنافقين. وكل هذا لم يثبت بطرق صحيحة. فقد روى ابن إسحاق والواقدي وابن سعد هذه الجزئية بصيغة التمريض، مما يدل على عدم قبولهم لهذه الرواية. ولهم أن يشكوا فيها، وبخاصة ذكر اليهود بهذا العدد الذي لا يتفق مع منطق الأحداث التاريخية التي وقعت بين اليهود والمسلمين. فالمشهور الثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج يهود بني


(١) المغازي (٣/٩٩٥) .
(٢) الطبقات (٢/١٦٥) ، مكن حديث الواقدي.
(٣) المصدر والمكان نفسه.
(٤) ابن هشام (٤/٢١٩) ، بإسناد مرسل.

<<  <   >  >>