بجميع أنواعها من الأمور التي اعترف بها العلماء من الغرب نفسه، ولم يعد الأمر بحاجة إلى زيادة على ما قالوه (١) . وفوق هذا كله فإن تحريم أكل الخنزير وشرب الخمر قد نزل به الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو العالم بأحوال الناس في كل زمان ومكان. ولا تعقيب لبشر على حكم الله. ولو كان بودلي مسلماً مؤمناً ما تجرأ على مثل هذا القول. لأن في قوله هذا تجهيلاً لله سبحانه وتعالى، القائل في الخنزير:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}[البقرة:١٧٣] ، و:{إِلاََّنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}[الأنعام: ١٤٥] ، و:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[المائدة: ٣] . والقائل في آخر مراحل تحريم الخمر - ومضار جميع أنواعها واحدة -: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة: ٩٠] .
وهل اليهودية والنصرانية الصحيحة غير المحرفة تبيح أي نوع من أنواع الخمور؟! قطعاً لا.
وهل صحيح أن بلاد العرب لم تكن بلاد نبيذ كما يزعم بودلي؟ نقول: إن النبيذ كان معروفاً في مكة وغيرها قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم. فمثلاً يقول
(١) انظر د. صالح بن عبد العزيز آل منصور: موقف الإسلام من الخمر، ط٢، دار النصر للطباعة الإسلامية، القاهرة، ١٤٠٠هـ/١٩٨٠م، ٢١٨ صفحة. والأبحاث المتعلقة بمضار الخمر كثيرة، ولم يعد هناك من يكابر في هذا، وبخاصة أن شهادة الطب الحديث جاءت مطابقة لما جاء في الحديث أنها أم الخبائث وأنها رجس.