للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنها، وإنما خاض مع من خاض بالكلام العادي في أمر الإفك بما يفيد تصديقه لافتراء المنافقين، وقد تاب مع من تاب من المؤمنين الذين غرر بهم المنافقون، ولذا كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها بعد الإفك موقفاً متسامحاً، وهو موقف لا يريده بودلي ومشايخه، بل هناك من العلماء من قال بعدم خوض حسان في حديث الإفك بما يسيء إلى عائشة رضي الله عنها (١) ، واستدلوا ببيته الشعري:

فإن كنتُ قد قلتُ الذي قد زعمتمُ ... فلا رَفَعَتْ سوطي إليَّ أناملي

ويبدو لنا أن سبب ضرب صفوان لحسان بالسيف هو تعريضه به في غير هذه الأبيات، وحفز صفوان لهذا الفعل أمر آخر هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بلغه قول حسان: "أمسى الجلابيب"، قال: من لي بأصحاب البساط؟ يعني حساناً وأصحاباً له كانوا يجلسون على بساط لحسان في أجمة فارع (٢) . فقال حسان يوماً وهو جالس مع أصحابه يرى كثرة مَنْ يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب يُسْلمون؛ فقال صفوان بن المعطل: أنا لك يا رسول الله منهم، فخرج إليهم واخترط سيفه، فلما رأوه مقبلاً عرفوا في وجهه الشر، ففروا وتبددوا. وأدرك حساناً داخلاً بيته، فضربه.." (٣) القصة.


(١) انظر: ابن حجر، الفتح (١٨/٨٧/٩٠) شرح الحديث رقم ٤٧٥٠، ونسب إنكار وقوع الحدّ بالذين قذفوا عائشة إلى الماوردي، ولم يوافق ابن حجر الماوردي فيما ذهب إليه.
(٢) أجمة فارع: الشجر الكثير الملتف العالي.
(٣) نور الدين علي بن محمد السمهودي: الوفا بأخبار دار المصطفى، ط٤، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م (٣/٩٦٢ـ٩٦٣) ، من رواية عقبة عن العطاف بن خالد.

<<  <   >  >>