للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإصابة كان يستند إلى هذه الروايات التي تدل على أن لقصته وإسلامه يوم أحد أصلاً.

ومن العجيب أن يهمل بودلي رواية الواقدي التي ذكرت إسلام مخيريق أو على الأقل إيمانه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويستند في زعمه على عدم إسلامه ودفنه خارج مقابر المسلمين مباشرة، على رواية أبي وجزة يزيد بن عبيد السعدي عند ابن سعد (١) من حديث الواقدي، التي فيها: ".. وجد مخيريق مقتولاً به جراح، فدفن ناحية من مقابر المسلمين، ولم يصلِّ عليه، ولم يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ولا بعده يترحم عليه، ولم يزده على أن قال: مخيريق خير يهود. فهذا أمره".

فلو كان بودلي منهجياً أميناً لما فعل هذا، وهذا المنهج الانتقائي للروايات ليس غريباً في كتابات المستشرقين المتعصبين. فهم لا يريدون أي بينات على تصديق اليهود والنصارى بنبوة ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم. ولذا فهم ينتقون الروايات التي تدعم هذا الاتجاه.

وهناك حقيقة تاريخية أغفلها بودلي حين اعتمد رواية أبي وجزة دون غيرها. وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعن بغير المسلمين في جميع حروبه ضد المشركين، وبصفة خاصة رفضه الاستعانة باليهود المشركين يوم أحد. وقد أشرنا إلى هذا كله عند دحضنا لزعم بودلي اشتراك جماعة من غير المسلمين في معركة بدر الكبرى.

والسؤال البدهي: كيف يرفض الرسول صلى الله عليه وسلم اشتراك جماعة من اليهود لم


(١) الطبقات (١/٥٠٢) .

<<  <   >  >>