للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المتعصبون منهم فقد بالغوا في مزاعمهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق باليهود.

ومثال ذلك قول يوليوس فلهاوزن (١) : ".. أما اليهود فقد حاول محمد أن يظهرهم بمظهر المعاندين الناكثين للعهد، وفي غضون سنوات قليلة أخرج كل الجماعات اليهودية أو قضى عليها في الواحات المحيطة بالمدينة، حيث كانوا جماعات متماسكة كالقبائل العربية، وقد التمس لذلك أسباباً واهية"، وقول مرغليوت (٢) : "عاش محمد هذه السنين الست بعد هجرته إلى اللصوصية والسلب والنهب، ولكن نهب أهل مكة قد يسوغه طرده من بلده ومسقط رأسه وضياع أملاكه، وكذلك بالنسبة إلى القبائل اليهودية في المدينة، فقد كان هناك - على أي حال - سبب ما، حقيقياً كان أم مصطنعاً، يدعو إلى انتقامه منهم، إلا أن خيبر التي تبعد عن المدينة كل هذا البعد، لم يرتكب أهلها في حقه ولا في حق أتباعه خطأً يعتبر تعدياً منهم جميعاً، لأن قتل أحدهم رسول محمد لا يصح أن يكون ذريعة للانتقام. وهذا يبين لنا ذلك التطور العظيم الذي طرأ على سياسة محمد. ففي أيامه الأولى بالمدينة، أعلن معاملة اليهود كمعاملة المسلمين، لكن الآن ـ بعد السنة السادسة للهجرة ـ أصبح يخالف تماماً موقفه ذلك، فقد أصبح مجرد القول بأن جماعة ما غير مسلمة يعد كافياً لشن الغارة عليها. وهذا يفسر لنا تلك الشهوة التي أثرت على نفس محمد والتي دفعته إلى شن غارات متتابعة، كما سيطرت على نفس


(١) الدولة العربية وسقوطها، ص ١٥ـ١٦؛ وانظر الرد عليه عند: د. مهدي: السيرة النبوية..
(٢) (محمد وظهور الإسلام) Margolliuth: Mohammed and the RISE of ,pp.) Islam (London,.

<<  <   >  >>