للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنا سنتناولها حين كانت على وشك التحقيق، في صورة مشكلة سياسية ملحة، أعني في الملابسات الدولية التي خلقتها الحرب العالمية الثانية.

إن من الواضح أن هذه الحرب قد خلقت تصميماً عالمياً جديداً، وانتهت إلى توزيع جديد للقوى في العالم، ولم تكن السياسة الإنجليزية متسمة بطابع العاطفة، حتى تنسى أنها ملزمة بمواجهة هذه الحالة الجديدة.

فعلينا إذن أن نتصور هذه الضرورة السياسية، حينما تدخل الدور العملي التطبيقي في تخطيط يشرف عليه رجل مثل تشرشل، إنه يجب أولاً أن نتصور القضية كما يتصورها هذا العملاق السياسي، أي أن نضع المشكلة كما يضعها هو في مصطلحات (القوة) كي نفهم الحل الذي وضعه لها.

وتشرشل لم يكن بكل تأكيد، آخر من قرأ، من رجال الدولة الإنجليزية، المحاضرة الشهيرة التي ألقاها السير جون هالفورد وتناول فيها موضوع (القاعدة الجغرافية للتاريخ)، كما أنه لم يكن بكل تأكيد أيضاً الرجل الذي لا يحسم أية مشكلة سياسية ذات أهمية معينة، دون أن يلقي أولاً نظرة على الخريطة الجغرافية.

وعلى هذا، ففي سنة ١٩٤٥ وجدت إنجلترا نفسها مضطرة إلى حل مشكلة الهند، في وضع دولي غيرته الحرب العالمية الثانية تغييراً شاملاً، حتى لم يعد أي حل صالحاً لحسم هذه المشكلة، إذا لم تستمد عناصرها كلها من الواقع العالمي الجديد، إذا لم يراع فيها ما تمليه خريطة التوزيع الجديد للقوة في العالم.

وهذا الواقع العالمي الجديد يفرض، أولاً وقبل كل شيء استقلال الهند، على أنه ضرورة تمليها الظروف القاسية بالنسبة للاستعمار، التي نتجت عن الحرب، ولكن هذه الظروف نفسها وضعت انجلترا أمام (مشكلة القوة)، لابد من حلها في ملابسات دولية جديدة على أي صورة، فكان عليها إذن أن تأخذ في حسابها، ثلاثة عوامل في سياق واحد:

<<  <   >  >>