لو أننا اقتنعنا في هذا العرض بالجانب القصصي، لكانت القصة التي تابعنا تفاصيلها إلى هنا كافية؛ ويمكن إذن أن نسدل الستار على المسرحية التي وضعناها لفصل من فصول الصراع الفكري، للتعريف بحلقة من حلقات سلسلته.
بيد أننا لا نريد عرض قصة وإنما تحليل (حالة)، لنظهر ما يتصل فيها بجهود الاستعمار من ناحية، وما يتصل بجمود القابلية للاستعمار من ناحية أخرى.
ولقد يكون مفيداً بعد أن نكون قد لاحظنا هذه (الحالة) في صورة معينة، أن نلاحظها في صورة أخرى، أي أن نتتبع الموضوع في ظروف وأحوال مختلفة، كي نحيط به من أكبر زاوية ممكنة وكي نقدم عنه للقارئ أكثر ما يمكن من المعلومات.
فلا بأس إذن أن نعود إلى الموضوع في ظروف جديدة حتى ترى كيف يتابع الاستعمار عمله، وكيف يجدد خططه حسب الظروف، وكيف تستمر القابلية للاستعمار في طريقها، فلا هي تستفيد من تجربة مرت بها، ولا هي تحاول أن تستفيد من تجربة تقدم إليها.
إنه لا حاجة بنا إلى القول دائماً إن الاستعمار ولا شك هو الشر، وإنه صورته المجسمة على الأرض، فنحن في هذه النقطة متفقون.