للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه هي الفكرة التي يخفيها في نفسه مستر دلاس في سياسة الأحلاف العسكرية، من نوع (الحلف الأطلنطي) مطبقاً في آسيا وإفريقيا، غير أن هذه الأحلاف قد أصبحت غير مجدية، لأن الأرض أصبحت صغيرة جداً بالنسبة إلى المتوقع من الخراب والتدمير، على نطاق حرب ذرية لا ينفع فيها أي احتياط من النوع الذي يفكر فيه مستر دلاس، وهكذا باتت الحرب العالمية الثالثة التي عاشت الشعوب في انتظارها منذ عشر سنوات، من أبعد التوقعات.

وأصبح من شأن السياسة اليوم أن تدرس كيف تكسب السلم، لا كيف تكسب الحرب.

ولكن هذا لا يعني أن المشكلات قد زالت مع الخصوم بسبب الاتجاه الجديد: فإن وجود هذه المشكلات وبالتالي وجود الخصوم فيها منوط بمسوّغات لا زالت قائمة، طبقاً لبعض الرواسب النفسية التي حاولت، في دراسة سابقة، تبيين طبيعتها حينما تحدثت عن (ذهان القوة والسيطرة).

وعليه، فإذا كانت الحرب لن تقع نظراً لهذه الاعتبارات، فإن الصراع سيستمر بسلاح آخر، وفي ساحات قتال جديدة، إن انتصارات السلام تتقرر في جبهات الصراع الفكري.

ويجب ألا يبقى عندنا شك في أن الخصوم الذين يتنافسون، على محور واشنطن- موسكو، للاستيلاء على عناصر القوة، سيلجؤون إلى سلاح الأفكار، لأن قنابلهم الذرية أصبحت عاجزة في المستقبل عن حل مشكلاتهم المعلقة.

وهذا الاستنتاج يطابق تماماً ما يتنبأ به أقطاب العلم والفكر مثل (برتراند راسل)، الذي يستنتج في مقال خصصه لهذا الموضوع ((بأن كل من يعتقد أن انتصار الشيوعية أو أعوانها أصبح مستحيلاً، يجب عليه أن يعدل أفكاره: إنه يجب عليه أن يعترف بأن وجهة النظر التي بفضلها يجب أن تنتشر، هي أن

<<  <   >  >>