كرجل مرة، وأخرى عورته كأنثى ثم يتركنا في غينا هائمين. وربما تنشأ عندنا مدرستان، ويظهر في هذا الأمر مذهبان، ولا شك فإنه حينئذٍ سوف يبذل كل ما في وسعه لبث روح الجدال بينهما، حتى تنصرف كل الطاقات العقلية، في العالم الإسلامي إلى هذا الجدال العقيم. ثم عندما يؤول الجدال إلى مشاجرة، فسوف يسعى الاستعمار من بعد ذلك، حتى يقر في أذهان كل من الطائفتين، أن كل من لا يشارك في هذا الجدال وتلك المشاجرة خائن، وأن كل من لا يقول إن الاستعمار أنثى أو ذكر، يصبح في نظر المذهبين مرتداً خائناً.
وبطبيعة الحال، فإن الاستعمار سوف يقوم هو نفسه، وعلى حسابه الخاص، بنشر هذه الإدانة وبتعليق نصها على الجدران في المدينة ...
فهذا شيء لا غرابة فيه.
ولكن فلنترك هنا الجدال عن عورة الاستعمار، لنرى ما هي نتائج هذا الموقف في الطور العقلي والاجتماعي في البلاد الإسلامية.
فإننا حينما نضع المشكلة في هذا الاتجاه الميتافيزيقي وننظر نتائجها في سلوك الفرد بالنسبة إلى الاستعمار، فسوف يتبين أنه لابد له من أن يكون في إحدى حالتين:
١ - حالة فيها نوع من العبادة والخنوع.
٢ - حالة فيها الثورة والحقد.
ونحن نشاهد فعلاً هاتين الحالتين في المجتمع الإسلامي منذ أخذ يشعر بالاستعمار، ويسعى لتخليص نفسه منه: إننا نجد من بين المسلمين من يرى فيه الشيطان، فيعتريه الهول منه ويهزه الغضب من الشعور بأنه الشيطان.
ومنهم من يرى فيه إلهاً، فيعبده لأنه يتصور أن النعم بيده، في الدنيا على الأقل.