للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإجلال والخشوع، حسب ما تكون الشحنة مجرد عوامل نفسية، تسلط على إحساس الجماهير أو نقود تصب في ضمائر بعض القادة.

وهنا تواجهنا مشكلتان، ولكن مشكلة العوامل النفسية والإيحاءات هي الأهم في نظرنا، لأن تلك العوامل تحرك الملايين من الجماهير الطيبة، بينما لا تحرك النقود سوى أفراد، أعدت ضمائرهم على صورة صندوق الصدقات الذي توضع فيه النقود، كتلك الضمائر التي باعت المؤتمر الجزائري سنة ١٩٣٦ إلى الاستعمار.

فالمشكلة الأولى هي التي تهمنا لأنها تتصل بسلوك كل مسلم بصفة عامة، وينبغي لنا ألا نلاحظ في هذا السلوك، النتائج التي تقع مباشرة تحت حسنا لأنها ظاهرة في أثرها- فلا حاجة بنا إلى تأملها- بل الأسباب التي تسبب تلك النتائج، والتي لا نراها لأنها أسباب خفية.

وهذا يعني أنه ينبغي ألا نعد الأشياء من الوجهة السياسية في سطحيتها، ولكن من الوجهة النفسية في عمقها.

فكثيراً ما يرى الفرد منا في قضية ما أن أسبابها متعددة، وفي الغالب يكون ذلك التعدد في صورتها الخارجية فقط بمعنى أنها تظهر متعددة، لأن تأثيرها على شعوره يتكرر في ظروف مختلفة باختلاف الزمن والمكان. فكلما أتى منها مظهر جديد لتغير الظروف ظن أن السبب جديد في ماهيته.

وإذا كنا نقع هكذا في الخطأ بالنسبة لسلوك الفرد، فمن الواضح أننا سنقع في الخطأ نفسه وللسبب ذاته، بالنسبة للسلوك العام، أو بتعبيرآخر بالنسبة للسياسة في البلاد المستعمرة، حيث إن الضعف الموجود في موقف الفرد إزاء مشكلاته الشخصية سيوجد مجموعاً في ضعف عام متفشٍ في السياسة.

وعليه فإن بحث القضية في مستوى الفرد، سيؤدي إلى نتائج صحيحة في مستوى المجتمع إذا تصرفنا في تطبيقها كما يجب.

<<  <   >  >>