للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكل آثاره في المستقبل، ويذكر لنا علاقات القتيل ببعض النساء أو الرجال ونحو ذلك، فهذه هي "الطرائف".

مثالٌ ثالثٌ: يأتي مندوب الصحيفة أحيانًا بنبأ حريق لم يسبب إلّا خسائر بسيطة، وترى الصحيفة أن مثل هذا الخبر قد لا يحظى بقدرٍ ما من الإثارة, ثُمَّ سرعان ما تزداد قيمة هذا الخبر في نظر الصحيفة, وفي نظر القارئ, إذا تضمن أنه كانت في البيت الذي احترق عجوز شمطاء استطاع الجيران أن ينقذوها, أو أن الحريق إنما تسبب عن عبث أطفال كانوا يعدون بأنفسهم حفلة عيد الميلاد في منزل أحدهم، فالحريق في ذاته خبر من الأخبار المحلية، وطريقة الحدوث وزمانه ومكانه والأشخاص الذين أصيبوا به هو القصة الخبرية، أما التفاصيل الأخرى فإنها من "الطرائف".

مثال رابع: عندما يأتي المندوب للصحيفة بنبأ تصادم, يشعر إذ ذاك بأن القراء قد سئموا مثل هذه الأخبار واعتادوها، وأنهم قد لا يضيّعون وقتًا ما في قراءتها بالصحيفة، ولكن إذا قيل لهم بعد ذلك: إن هذا التصادم جاء بسبب أن السائق أفلتت من يده عجلة القيادة؛ لأن نحلةً قرصته وطارت, فإن الخبر يصبح له وجه آخر، وإذ ذاك تُعْنَى الصحيفة بمثل هذه التفاصيل, وتكتبها في شكل "طرائف".

وهنا يقفز سؤال إلى ذهن الباحث: ما الفرق في هذه الحالة بين القصة الخبرية والطرائف؟

والجواب عن ذلك: أن القصة الخبرية إذا اشتملت على العنصر الإنسانيّ، وغلب عليها عنصر التسلية, فإنها تصبح شيئًا قريبًا جدًّا من الطرائف، وقد قلنا مرارًا: إنه ليس هناك خطٌّ يفصل تمامًا بين كل فَنٍّ من فنون الصحافة الحديثة والفن الآخر، فالأصح دائمًا أن يقال: إن هذه

<<  <   >  >>