للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقال الصحفيّ:

اعتاد الباحثون في الفن الصحفيّ أن يشبهوا المخبر بالحواس الخمس للإنسان، وهذه الحواس هي وسيلته دائمًا للاتصال بالعالم الخارجيّ, ومعنى ذلك أن المخبر الصحفيّ يسجل دائمًا ما يشاهده بعينه، ويسمعه بأذنه ويشمه بأنفه, أي: أنه يحس الخبر إحساسًا تامًّا.

ثم يأتي بعد ذلك دور المقال الصحفيّ, كائنا ما كان, وقد اعتاد الباحثون تشبيهه "بعقل الإنسان" أو "بالمعدة" ومعنى ذلك: أن وظيفة المقال في الصحيفة كوظيفة المعدة أو العقل سواء بسواء، والعقل البشريّ هو القادر دائمًا على تفسير المحسوسات، وشرح المؤثرات، وربط الأحداث بعضها ببعض، ومن هنا كان الفرق عظيمًا بين كاتب الخبر، وكاتب المقال.

فكاتب الخبر ليس له أن يستنبط، أو يستخرج، أو يدخل في موازنات أو يتبرع بالمدح أو بالذم، وإنما هو مسجل للأحداث يعرضها بطريقة تتفق وسياسة الصحيفة.

أما كاتب المقال -كائنًا ما كان- فله أن يوازن بين الصور المختلفة لخبر من الأخبار؛ ليخرج من هذه الموازنة بالقدر من الصواب الذي اشتركت فيه جميع الصحف ووكالات الأنباء، وله كذلك أن يختار من صور هذه الأخبار صورةً يراد بها التأثير في نفوس القراء، وعليه تقع هذه التبعة الإخبارية، كما عليه أن يتولى القيام بتبعات الإرشاد والتوجيه وغيرهما من التبعات الأخرى.

وكلا الرجلين كاتب الأخبار، وكاتب المقال, لا ينبغي لهما -إلّا في الأوقات النادرة- الاهتمام بالإحساسات الذاتية قدر الاهتمام بإحساسات القراء.

<<  <   >  >>