للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الكتاب الثالث: فن المقال]

[فنون المقال]

...

[الكتاب الثالث: فن المقال]

الفصل الأول: فنون المقال

سبق لنا القول في كتاب "الصحافة والأدب في مصر"١: بأن للغة التي تُسْتَخْدَمُ في الكتابة مستوياتٍ ثلاثة، وهي:

المستوى الأدبيّ: وهو المستوى الذي يقف فيه الأدباء للتعبير عن عواطفهم ومشاعرهم وتجاربهم الإنسانية بوجه عام، ولهم في هذا التعبير طرائق شتَّى تختلف باختلاف الأشخاص، واختلاف العصور، واختلاف البيئات. والمستوى العلميّ: وهو المستوى الذي يقف فيه العلماء ليعبروا عن الحقائق العلمية، سواء أكان ذلك في العلوم الكونية، أم التاريخية، أم الأدبية، وهم في هذا التعبير يلتزمون لغةً تمتاز بالوضوح، واستخدام الألفاظ التي تكون على قدر المعاني، واصطناع المصطلحات التي اتفق عليها أهل كل علم من هذه العلوم على حدة, ومعنى ذلك أن العلم مادته الحقائق وحدها، في حين أن الادب مادته العواطف والصور والأخيلة.

والمستوى العمليّ: وهو المستوى الذي يقف فيه الصحافي لينقل للناس أخبار البيئة التي يعيشون فيها، والبيئات التي يتصلون بها، وليقوم للناس بتفسير هذه الأخبار في أثناء نقلها، وبعد نقلها، وذلك عن طريق التعليق عليها، والاستنارة بآراء الممتازين من القراء في بعضها, والصحافي في سبيل هذا الغاية -وهي كتابة الأخبار والتعليق عليها- يستخدم لغةً عمليةً يفهمهما القراء، ولايشترط فيها في لغة الأدب من خيال أو جمال، أو ما يشترط في لغة العلم من دقة بالغة في تحديد معاني الألفاظ.


١ راجع الطبعة الأولى من الكتاب سنة ١٩٥٥, ص ١٢.

<<  <   >  >>