للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعلنا حين نمعن النظر في تاريخ الكتابة الفنية، في أية أمة من الأمم، نجد أنها تمر بالمستوى الأدبيّ أولًا، فالمستوى العلميّ ثانيًا، فالمستوى الصحفيّ في نهاية الأمر.

ففي الأول تكون الكتابة ذاتيةً لأنها أدبية، وفي الثاني تكون الكتابة موضوعيةً لأنها علمية، وفي الثالث تكون الكتابة عملية لأنها صحفية.

حدث هذا في أوروبا، فظهرت الكتابة الذاتية أو الشخصية عند الكاتب الفرنسيّ مونتاني "١٥٣٣- ١٥٩٢" ثم ظهرت المقالة الموضوعية عند الكاتب الإنجليزيّ بيكون "١٥٦١-١٦٣٦" وأخيرًا ظهرت المقالة الصحفية بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة على أيدي كتاب كثيرين، مثل: الكاتب الإنجليزيّ "ديفو" و"ستيل" وغيره من كتاب القرن الثامن عشر, الذين أدركوا الفروق بين هذه المستويات الثلاثة التي تحدثنا عنها، وقدروا إذ ذاك أن الصحافة جعلت لمخاطبة "رجل الشارع "ولتوجيهه، ولتثقفيه، ولتسليته، وإمتاعه، ومن أجل هذا أثر عن "ديفو" أنه قال كلمته المشهورة: "إذا سألني سائلٌ عن الأسلوب, قلت: إنه الذي إذا تحدثت به إلى خمسة آلاف شخص ممن يختلفون اختلافًا عظيمًا في قدراتهم العقلية -باستثناء البله والمجانين- فإنهم جميعًا يفهمون ما أقول".

وإذا صح هذا الذي نقوله الآن, فإننا نستطيع أن نقسِّم المقال في جملته إلى ثلاثة أقسام هي: المقال الأدبيّ، والمقال العلميّ، والمقال الصحفيّ.

وننظر في كل قسمٍ من هذه الأقسام الرئيسية, فنرى أنه ينقسم كذلك إلى أنواع وأشكال:

في أنواع المقال الأدبيّ -على سبيل المثال- المقال الوصفيّ أو العرضيّ، والمقال النزاليّ، والمقال النقديّ، والمقال الكاريكاتوري، والمقال القصصيّ، والمقالات التي على شكل رسائل بين المحرر وقرائه، والمقالات التي على شكل

<<  <   >  >>